على هامش لقاء تونس ـ الموزمبيق (0/2)
غاب الأداء الجيّد.... وحضرت النتيجة ...والغاية تبرّر الوسيلة
لازالت المباراة الأخيرة للمنتخب الوطني التونسي ضد نظيره الموزمبيقي تثير شتى التعاليق... وهو أمر عادي جدا... وفي كل حيّ وفي كل مدينة وفي كل مقهى هنالك تحاليل وبعض تفسيرات... وكل طرف يدافع عن وجهة نظره... وثمة ما هو معقول ومنطقي وعقلاني... وهنالك ايضا «اللامعقول» والمبني على المشاهدة فقط... والمتفرج «فارس» مثلما يقال...
نعود مجددا الى ما ذكرناه حول الممكن تقديرا والموجود فعلا!!
بعيدا عن التعصب للمنتخب الوطني او محاولة الدفاع عن اطاره الفني ولاعبيه فإننا وبحكم متابعتنا لنشاط واخبار المنتخب قبل مباراته ضد الموزمبيق كتبنا ونبهنا وحذرنا من صعوبة الاختبار مؤكدين بالحرف الواحد ان الممكن تقديرا هو فوز مقنع للمنتخب الوطني الذي يفوق ويتفوق على منافسه من كل النواحي تقريبا لكننا كتبنا ـ وهذا هو الاهم ـ ان الموجود فعلا في الظرف الراهن لاعبون يمرون بفترة صعبة بدنيا وذهنيا مثلما قلنا انه من الصعب جدا انه يتمتع المنتخب ويقنع ضد الموزمبيق لان الظروف المحيطة باللقاء لا تخدمه حاليا... وبالتالي فان مجريات اللقاء الأخير لم تفاجئنا بل اننا اكدنا ان النتيحة هي الاساس وان الاداء ثانوي... وهذه ليست تكهنات او «فلسفة» وانما نتيجة حتمية ومنطقية واستنتاح موضوعي بالنظر الى واقع منتخبنا في الفترة الأخيرة (ارهاق بدني وذهني واصابات ونهاية موسم وتفكير البعض في مستقبلهم....).
الاطار الفني استشعر «الصعوبة» فاختار ثالوث «بيفو»!!
اقرب الناس الى المنتخب والى اللاعبين هما كويلهو والماجري وكان واضحا وجليا عند انطلاق المباراة انهما كانا متخوفين من هذا الاختبار والدليل على ذلك التركيبة التي بدأت المنافسة... صحيح ان كويلهو من انـصار خـطة 4 ـ 3 ـ 3 وهي بالاساس هجومية ولكن الاصح ان منتخبنا لعب بخطة 4 ـ 3 ـ 1 ـ 2 لان فهيد بن خلف لم يكن يوما ولن يكون ابدا مهاجما بأتم معنى الكلمة.... ولكنه كان مطالبا بدعم الثنائي الغرياني والعلاقي وابرز علامة على «خوف» الاطار الفني اعتماده منذ اللحظات الاولى ثالوث في خطة متوسط ميدان دفاعي او «بيفو»... هذا التوجه يعني اليا وضمنيا ان كويلهو استنتج خلال التربص الأخير ان المجموعة ليست في افضل استعدادها بدنيا وخشي ان يخسر معركة الوسط ففكر بتأمين التغطية.... وللامانة فانه صرّح بذلك يوم الخميس الفارط خلال الندوة الصحفية....
ورغم ثالوث «بيفو» فان عملية افتكاك الكرة في صفوف منتخبنا لم تعرف نسبة النجاح المطلوبة ذلك ان سرعة المنافس ومهارات لاعبيه وطريقة «اللعب القصير» التي اعتمدوها احرجت كثيرا وسط ميداننا وارهقته وهو ما جعل زملاء الراقد يعجزون عن احتكار الكرة والتحكم فيها والتخطيط بأحكام لهجمات مركزة... وقد اعترف كويلهو بذلك:
«بالفعل لم نقدر على الاستحواذ على الكرة جيدا في وسط الميدان ذلك ان المنافس تفوق علينا الى حدّ ما في هذه المنطقة وسبّب لنا بعض المشاكل... ولهذا السبب بالذات اقحمنا شادي الهمامي مكان القربي لان الاول أفضل فنيا واكثر قدرة على التحكم في الكرة والمساهمة في التخطيط للهجمات».
ماذا لو أمتعنا وتعادلنا؟!!!
من حقّ كلّ انسان ان يتعامل مع نتيجة لقاء تونس والموزمبيق حسب وجهة نظره..... ومن واجبنا احترام كل الاراء رغم علمنا بوجود اناس لا يعجبهم العجب ولا يقنعهم سقراط ولا أفلاطون او ابن خلدون ويخطىء من يعتقد اننا سعداء ومقتنعون بالوجه وبالمردود الذي قدمه زملاء الجعايدي مساء السبت ونحن نقولها بصوت عال: «من حيث الاداء لن نمنح منتخبنا اكثر من ستة من عشرة ولكننا بالمقابل نفهم ونتفهم ما حدث من هذه الناحية (الاداء) ونجد له تفسيرات منطقية جدا... فلم يكن بالامكان ـ بل ان الامر مستحيل ـ القيام بتحضير بدني خلال هذه الفترة... وكل ما هنالك تعهّد للياقة البدنية وللمخزون الاضافي في اقدام اللاعبين ممن قاموا بتحضيرات جيدة في مطلع الموسم الرياضي».
اذن الجميع متفقون في تونس وكذلك خارجها حول حقيقة لا غبار عليها وهي ان المنتخب التونسي اكتفى بالأهم وان كسب ثلاث نقاط ثمينة للغاية دون ان يمتع او يقنع... ولكن المؤكد كذلك ـ وهو مانبهنا اليه لعدة ايام ـ ان مهمة الامتاع والاقناع خلال هذا الظرف كانت شبه مستحيلة بالنظر الى واقع اللاعبين والمنتخب ككل في الظرف الحالي وللذين ينتقدون المنتخب بسبب ودون سبب تقول : «ماذا لو امتعكم المنتخب واقنعكم ضد الموزمبيق لكنه لم يفز في نهاية المطاف واكتفى بالتعادل؟ فكيف سيكون موقفكم وما هو حكمكم وتعليقكم... وهل ستعتبرون الامر جيدا ام لا؟!».
الدراجي يحتاج الى صعود السلم «درجة... درجة»
كثيرون استغربوا بل وأستاؤوا من عدم وجود اسامة الدراجي ضمن التشكيلة الاساسية و«ظلوا يعلقون قبل وأثناء وبعد اللقاء».... وفات هؤلاء ان الدراجي حديث العهد بالمنتخب الوطني وبلا تجربة دولية وان اللعب للمنتخب غير اللعب للترجي... وان المجازفة بضمه الى التركيبة المثالية يمكن أن يضر به اكثر مما قد ينفعه!! ثم من الذي لديه ضمانات بكون الدراجي كان سيقنع لو لعب اساسيا؟ ألم يكن من الافضل بالنسبة لشاب مثله ان يبقى على «البنك» ليراقب ويحلل ويدرس المنافس جيدا ليكون جاهزا تماما لرفع التحدي متى استنجد به الاطار الفني؟ وفي النهاية فان العبرة بالنجاعة وبالمردودية وليس بمدة اللعب او بالظهور منذ البداية او قبل ربع ساعة من النهاية...
ولو حسبنا الامور بمنطق نسبة النجاح بالنظر الى فترة المشاركة فان الدراجي هو رجل المباراة لانه لعب لفترة وجيزة سجل خلالها هدفا ومهد لفرصتين جديتين».... ولهذا من مصلحة الدراجي في المقام الاول ان يصعد سلم النجاح مع المنتخب الوطني بتأني او «درجة ـ درجة» مثلما يقال... فالوقت يخدم مصلحته والمستقبل طويل وعريض» امامه... وهو ليس بحاجة الى «حرق المراحل» مثلما انه ليس بحاجة الى محيط «ينفخ» في قدراته ويوهمه بانه احق من غيره باللعب كأساسي.... وفي نهاية «المطاف لكل مباراة ظروفها وخصوصياتها واختياراتها وحقائقها... ولكل مهمة رجالها... و«زمن الدراجي» قادم ان شاء الله... والمهم ان يبقى هذا الفتى الموهوب «رأسه على كتفيه» مثلما يقول الفرنسيون وان يجنبه محيطه القريب والبعيد الضغوطات المجانية والغرور ـ عفانا وعفاكم الله.
عبد الوهاب بن رحومة